مع مطلع كل موسم كروي يخرج الحاج عامر حسين علينا ليعد الجميع بجدول مسابقة للدوري العام سيُوضع وفق ضوابط محددة ومواعيد منتظمة ومؤجلات أقل من ذي قبل، وبالفعل تنطلق المسابقة بتطلعات عالية، وفجأة تتهاوى كل تلك الوعود وكأنها لم تكن.
ثم يخرج علينا مرة أخرى في نهاية الموسم مثلما حدث في الأيام القليلة الماضية مبرراً سبب ترنح المسابقة وامتدادها قرابة العام، بأعذار مثل أنه لم يكن يعرف أي شيء عن تولي حسام حسن تدريب المنتخب، وحاجته كل توقف إلى أكثر من خمسة أيام أكثر من ميعاد التوقف الدولي المحدد، وإلى آخر كل ذلك من المبررات التي تستحدث كل موسم منذ أكثر من عقد ونصف العقد، وهي الفترة التي قضاها حسين على رأس لجنة المسابقات.
وتطبيقاً لمقولة «إدي العيش لخبازه» قررت رابطة الأندية أن تولي تنظيم الدوري أخيراً لشركة ألمانية متخصصة في مثل هكذا أمور، وهو ما حدث بالفعل، حيث أُعلن عن موسم استثنائي في 2024/2025، وتم تحديد خارطة العمل، لكن دعونا نخوض رحلة معاً كمحاولة للإجابة على أسئلة كيف أتى هذا المقترح الجديد لشكل الدوري، وما هي مزاياه وعيوبه؟
عُقد الاجتماع الأول بين الشركة ومجلس اتحاد الكرة، وتم تفنيد كل الأسباب التي أدت إلى عدم انتظام المسابقة الفترة الأخيرة، لم يكن من الغريب الدهشة التي نالت مسئولي الشركة؛ إلا أنهم أخبروا الاتحاد ومسؤوليه أن الأمر جد بسيط، وأن موروث الشركة يَعِد بحسن التعامل مع مثل هكذا أزمات، لا سيما خبراتها الواسعة في تنظيم الدوري الألماني والتركي والإماراتي وغيرهم.
تم الاتفاق على إعطاء الشركة مهلة، لتعود بعدها بعدة مقترحات، حيث شددوا في بداية الحديث أنه لا يوجد نموذج صحيح وآخر خطأ، بل إن كل دولة ينبغي عليها تنظيم مسابقة الدوري وفقاً لظروف الدولة ومشاركات أنديتها ومنتخباتها القارية، ثم بدؤوا في عرض النماذج على اتحاد الكرة للاختيار من بينهم.
لإعطاء أريحية أكثر للأندية في بطولة الدوري، وحتى نتمكن من إيجاد الوقت للمشاركات الافريقية والدولية، كان النموذج الاسكتلندي هو أول المقترحات، حيث يُلعب الدوري بـ12 فريقاً، وهو ما يعني أن الدورين الأول والثاني سيتكونان من 22 أسبوعاً فقط، بدلاً من 34 كما الموسم الماضي.
ولإعطاء الدوري إثارة أكبر حتى يتمكن من جذب الرعاة، وتحقيق عائدات أعلى من البث التلفزيوني، يتم تحديد البطل عن طريق دوري مصغر من مجموعتين، تتكون كل مجموعة من ستة فرق، مما يعني أن كل فريق سيخوض خمسة لقاءات تضاف نقاطها على ما تحصل عليه، ومن ثم يُعلن اسم البطل صاحب النقاط الأعلى.
يتميز هذا النظام أن كل فريق سيخوض 27 جولة بدلاً من 34، لكن عيوبه أكثر من مزاياه، الأولى هي أن اتحاد الكرة سيكون مضطراً لزيادة مراكز الهبوط لستة بدل ثلاثة، وهو ما سيعني هبوط الإسماعيلي لدوري الدرجة الثانية، وفقاً لترتيب آخر دوري.
والآخر أنه إن كانت النقاط متقاربة بين الفرق قبل الدوري المصغر، فقد يعني ذلك أن صاحب المركز السابع أو الثامن قد يتمكن من جمع نقاط أكبر من صاحب المركز الأول في المرحلة المتبقية، فقد نرى تفوق سيراميكا كليوباترا على حساب الأهلي مثلاً وفوزه باللقب، وهنا رُفض المقترح تماماً إذاً سنرى مقترحاً آخر.
جدول ترتيب الدوري الألماني بعد نهايته موسم 2018- 2019
يُلعب الدوري في بلجيكا بـ16 فريقاً من 30 جولة، وهو ما يعني أيضاً توفير شهر في المسابقة عن العام الماضي، على أن يتنافس الستة الأوائل في دوري مصغر على لقب الدوري، دون احتساب النقاط التي جمعها في مرحلة الدوري، وفي سنين أخرى قد تضاف نصف النقاط التي جُمعت في مرحلة الدوري بحسب رأي الاتحاد.
يعني هذا النظام أن ستة فرق فقط ستخوض 35 جولة، في حين سيخوض 10 فرق 30 جولة، وهو ما قد يخلق بعض التوازن في جدول المسابقة، غير أن الإسماعيلي على النظام لن يهبط، وفي الغالب سيكون البطل من الثلاثة الكبار الأهلي أو الزمالك أو بيراميدز، لكن ولأن الشفافية هي عنوان اتحاد كرة القدم رُفض المقترح أيضاً.
وكمحاولة للبحث عن حل، تفتق ذهن الحاج عامر حسين وخرج عن صمته قائلاً:
«اعملوا لينا حاجة مصري، أصل الجو الأوروبي ده لا بيحبنا ولا بنحبه».
كمحاولة لتمصير وخلط التجربتين السابقتين، تم الاتفاق عن أن يُلعب الدوري المصري موسم 2024-2025 بنظام استثنائي، من 17 مباراة فقط، أي من دور واحد، على أن يتنافس التسعة فرق الأوائل في الدوري الثاني على اللقب، بينما يتنافس التسعة الآخرون على مراكز الهبوط.
على أن يهبط فريقان في نهاية الموسم بدلاً من ثلاثة ويُعمل بهذا النظام موسمين وهما موسم 2024/ 2025 وموسم 2025/ 2026.
ويلعب الدوري في الموسم الجديد من 25 جولة فقط بدلاً من 34 مباراة ويوفر قرابة شهرين من عمر مسابقة الدوري المصري، ويبدأ في 30 أكتوبر المقبل وينتهي في السادس من يونيو من العام المقبل.
تُعد الميزة الأهم التي نأمل أن تسير على قدمٍ وساق هي المدة المعلنة لبداية ونهاية المسابقة، كل ذلك من أجل انتظام المسابقة في المواسم المقبلة، على أن يكون انطلاقها في أغسطس كما يحدث في كل دوريات العالم، وحتى يتسنى للاعبين الحصول على فرصة كافية من الراحة بدلاً من تلاحم المواسم منذ جائحة كورونا التي تسببت في تأخير انطلاق وبداية الدوري المواسم التالية لها.
كم أن الندية التي ستكون بين المتنافسين على اللقب أو المتنافسين على الهبوط كافية لجذب عدد أكبر من المشاهدين للدوري العام.
لكن الاعتراضات التي أتت على النظام من بعض مدربي الدوري كان مفادها أن هذا النظام لا يضمن تكافؤ الفرص، كما أنه سبق تقديم نموذج مشابه في الدرجات الأدنى من الدوري، ولم تلقَ نجاحاً باهراً كما هو متوقع، هذا بغير اعتراض البعض على عدم وجود تفاصيل كفاية للنظام الجديد، وهو الأمر الذي يتكرر كل عام من لجنة المسابقات.
كما ذكر البعض أن الموسم الاستثنائي الذي أقيم من مجموعتين عام 2013 لم يكن النسخة الأفضل من الدوري.
لكن السؤال الآن، هل يجب أن تواجه الشركة الألمانية بسيل الانتقادات هذا دون تجربة، وهل لا يستمتع الجمهور بكرة القدم وبالدوري في بلجيكا أو اسكتلندا وغيرها من الدول التي تعتمد نظاماً مشابهاً للبطولة في المطلق وليس كموسم استثنائي.
وسؤالنا الآن لك، في أي الجبهتين أنت، وهل تتوقع نجاح الشركة الألمانية في ذلك أم يحتاج الوضع إلى جهد أكبر من ذلك؟